أكدت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، أن مواصلة دبي تعزيز تنافسيتها وريادتها وترسيخ مكانتها كمركز عالمي للاقتصاد الإبداعي، يعكس عمق وتفرّد رؤى صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حيث تصدّرت الإمارة مؤشر عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات الثقافية والإبداعية لعام 2024، وذلك وفقاً لتقرير "إف دي آي ماركتس" الصادر عن فايننشال تايمز، المصدر الأبرز عالمياً لبيانات مشاريع الاستثمار المباشر الجديدة، ولتصنيف بيانات "مجموعة الصناعات الإبداعية" التابع للتقرير ذاته.
وحافظت دبي على مكانتها كأفضل وجهة عالمية في استقطاب مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة في الصناعات الثقافية والإبداعية للسنة الثالثة على التوالي وذلك من بين 233 مدينة تم تصنيفها ضمن التقرير، متفوقةً على مدن عالمية مهمة مثل: لندن، وسنغافورة، وجاءت هذه النتائج إثر رصد أداء الإمارة في القطاعات الفرعية التي تندرج ضمن منظومة الصناعات الثقافية والإبداعية، كما نجحت الإمارة في استقطاب 971 مشروعاً في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية خلال عام 2024، و ارتفاع إجمالي تدفقات رؤوس أموال مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع إلى 18.86 مليار درهم، ما أسهم في توفير 23,517 فرصة عمل جديدة في القطاع.
وجاءت تلك النتائج كثمرة للسياسات الحكومية المرنة الداعمة للاستثمار وأثرها في تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات الثقافية والإبداعية، وتعزيز جاذبية دبي كوجهة مفضّلة للمستثمرين ورواد الأعمال وأصحاب المبادرات والمشاريع المبتكرة. ومن تلك السياسات الجاذبة قرار المجلس التنفيذي رقم (11) لعام 2025 الذي أصدره سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، مؤخراً بشأن تنظيم مزاولة منشآت المناطق الحرة لأنشطتها داخل إمارة دبي، والذي يتيح المجال أمام منشآت المناطق الحرة توسيع نطاق أعمالها خارج المنطقة الحرة، شريطة حصولها على التصاريح اللازمة من دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي، إذ يتوافق القرار مع الأهداف الطموحة لأجندة دبي الاقتصادية (D33) التي تركز على بناء منظومة أعمال ديناميكية تتماشى مع رؤية القيادة الرشيدة للارتقاء بمستوى الميزات التنافسية وتحسين كفاءة شركات الأعمال المحلية والعالمية في المدينة.
كما ساهم برنامج "تصفير البيروقراطية الحكومية" (ZGB) الهادف إلى تبسيط وتقليص الإجراءات الحكومية وإلغاء الإجراءات والاشتراطات غير الضرورية في العمل الحكومي، في الارتقاء بمستويات الكفاءة والجودة والمرونة الحكومية في الدولة. كما كان لإطلاق هيئة الثقافة والفنون في دبي "دبي للثقافة" مطلع العام الحالي لمبادرة "منحة المعارض الفنية الدولية" أثرها في دعم صالات العرض الفنية المحلية وتعزيز مشاركتها في الفعاليات الدولية.
وأشارت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم إلى أن استراتيجيات دبي المتفردة وسياساتها المتطورة ساهمت في تعزيز تنوعها الثقافي والاقتصادي، وجعلت منها حلقة وصل في الاقتصاد العالمي وأرضاً لتحقيق النجاح، وواحدة من أفضل مدن العالم للعيش والعمل والزيارة، وقالت: "نجحت دبي بفضل فكر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ورؤيته الاستراتيجية الطموحة، في تأسيس منظومة ثقافية مبتكرة، تمكنت من استقطاب أفضل الكفاءات والمواهب حول العالم، وجعلت منها حاضنة إبداعية ومركزاً للطاقات الخلّاقة، إذ سعت الإمارة عبر خططها ومبادراتها النوعية إلى تحفيز روح الابتكار لدى أعضاء المجتمع الإبداعي والمستثمرين ورواد الأعمال، وتلبية متطلباتهم وتوفير ما يحتاجونه من فرص وتسهيلات تشجعهم على تحويل أفكارهم إلى مشاريع ناجحة، والمساهمة في إثراء المشهد الثقافي المحلي".
وأثنت سموّها على الجهود التي أسهمت في ارتقاء دبي إلى الصدارة العالمية في الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية، قائلة: "يُمثّل الاستثمار الأجنبي المباشر محركاً للنمو الاقتصادي، كما يمهّد لنهضة تنموية شاملة ومستدامة، وتعكس نتائجه ما حققته الإمارة من مكانة بارزة على الخريطة الثقافية الدولية، إذ لا تزال تواصل تفوقها على المدن العالمية بفضل قوة بنيتها التحتية وموقعها الاستراتيجي، وما تمتلكه من مقومات استثمارية ساهمت في دعم قوة الصناعات الثقافية والإبداعية التي تشكل ركيزة أساسية للاقتصاد الإبداعي، وعززت قدراتها ومكانتها واحدة من أسرع مدن العالم نمواً وأكثرها جذباً للاستثمارات والعقول".
وأشارت سموّ رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي إلى أن تميّز الإمارة في القدرات التكنولوجية والابتكارية، وكفاءة الأُطر القانونية والتنظيمية، وسهولة انتقال رؤوس الأموال داخل الدولة وخارجها، وشفافية الأنظمة الحكومية وجهود مكافحة الفساد، وحماية حقوق المستثمرين وحقوق الملكية، ساعد في تحويلها إلى وجهة رئيسية للتجارة والسياحة والاستثمار.
نمو مستمر
وبحسب بيانات مرصد دبي للاستثمار الأجنبي الصادرة عن دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي وفقاً لإطار دبي للإحصاءات الثقافية، فقد نجحت الإمارة في استقطاب 971 مشروعاً في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية خلال عام 2024، ما يمثل زيادة نسبتها 8% مقارنةً بالعام السابق بواقع 898 مشروعاً، وأدى ذلك إلى ارتفاع إجمالي تدفقات رؤوس أموال مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع إلى 18.86 مليار درهم، بزيادة نسبتها حوالي 60%. كما أسهم في توفير 23,517 فرصة عمل جديدة من خلال هذه المشاريع في عام 2024، ما يمثل زيادة بنسبة 9% مقارنةً بعام 2023.
ويأتي هذا النمو تماشياً مع جهود دبي في تعزيز التنويع الاقتصادي، حيث شملت القطاعات الفرعية التي قادت هذا التوسع في الاستثمار الأجنبي المباشر الإعلان والعلاقات العامة، وخدمات البرمجة الحاسوبية المتخصصة، والتعليم في الصناعات الثقافية والإبداعية، والخدمات التجارية للصناعات الثقافية والإبداعية، وصناعة الأفلام والإعلام والألعاب الإلكترونية، وتصميم البرمجيات المتقدمة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والحلول السحابية، وتصنيع الطلاءات والمواد اللاصقة.
وضمن تصنيف دول المَصدَر الخمس الأبرز في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية إلى دبي خلال عام 2024، أظهرت بيانات "مرصد دبي للاستثمار" وفقاً لإطار دبي للإحصاءات الثقافية نمو تدفق رؤوس أموال الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول المستثمرة في هذا القطاع في دبي بنسبة 23.2%، تليها كلٌ من: الهند بنسبة 13.4%، والمملكة المتحدة بنسبة 9.4%، وسويسرا بنسبة 7.6%، وكذلك المملكة العربية السعودية بنسبة 4.8%. بينما تصدرت الهند قائمة عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في 2024 في مجال الصناعات الثقافية والإبداعية بنسبة 18.8%، وتلتها المملكة المتحدة بنسبة 16.3%، والولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 14.2%، وألمانيا بنسبة 4.2%، وإيطاليا بنسبة 3.7%، وهو ما يعكس جهود دبي واستراتيجياتها الخاصة بهذا القطاع وتركيزها على هذه الأسواق كشركاء رئيسيين. كما تصدرت الهند القائمة ضمن فئة توفير فرص عمل جديدة من خلال الاستثمار الأجنبي في مشاريع الصناعات الثقافية والابداعية بنسبة 18.5%، تلتها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 14.6%، والمملكة المتحدة بنسبة 13.6%، وألمانيا بنسبة 4.3%، وفرنسا بنسبة 4%.
ومن جهة أخرى، أشارت بيانات "مرصد دبي للاستثمار" وإطار دبي للإحصاءات الثقافية إلى أن نسبة المشاريع الاستثمارية الجديدة (المملوكة بالكامل) بلغت 76.5%، بينما شكلت مشاريع أنواع الاستثمارات الجديدة نسبة 15.4%، فيما وصلت نسبة مشاريع إعادة الاستثمار إلى 5.6%، وبلغت نسبة مشاريع الاندماج والاستحواذ 2.4% من إجمالي عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات المسجلة خلال 2024.
ركيزة استراتيجية
وقال معالي هلال سعيد المرّي، المدير العام لدائرة الاقتصاد والسياحة بدبي: "ريادة دبي العالمية في جذب مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة، بما فيها الصناعات الثقافية والإبداعية، هي نتاج رؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وبفضل التنفيذ الدقيق لأجندة دبي الاقتصادية D33. ومع مواصلة جهودنا لتعزيز مكانة دبي كواحدة من أفضل 3 مدن اقتصادية في العالم، فإننا ندرك أنّ الاقتصاد الإبداعي يُعدّ ركيزة استراتيجية لدفع عجلة النمو، حيث يعزّز مستويات التنافسية والابتكار، ويرسّخ مكانة دبي كوجهة جاذبة للمواهب العالمية والاستثمارات الدولية".
وأضاف معاليه قائلا: "يتميز هذا القطاع بقدرته على الاندماج مع غيره من القطاعات الحيوية ذات التأثير الكبير، مثل الإعلام والصناعات المتطورة والسياحة، لوجود لوائح تنظيمية واضحة، وأطر قوية لحماية حقوق الملكية الفكرية، وتبني تقنيات متطورة مثل الذكاء الاصطناعي، ما يوفّر قيمة اقتصادية أوسع”.
من جانبها، لفتت سعادة هالة بدري، مدير عام "دبي للثقافة" إلى أن تصدر دبي مؤشر عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر يعكس مرونتها وما تتميز به من بيئة استثمارية واعدة ومحفزة على الإبداع، كما يبرز قوة تشريعاتها وأطرها القانونية التي مهّدت لتأسيس منظومة ثقافية متطورة قادرة على استقطاب رواد الأعمال وأصحاب المواهب من مختلف أنحاء العالم. وقالت: "تواصل دبي ترسيخ ريادتها كواحدة من أبرز المراكز العالمية للاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات الثقافية والإبداعية، وذلك بفضل تطلعاتها المستقبلية وقدرتها على تنويع مصادرها الاقتصادية، وتميز مبادراتها المبتكرة، ومن بينها أجندة دبي الاقتصادية(D33) الهادفة إلى تعزيز موقع الإمارة ضمن أفضل 3 مدن اقتصادية، إلى جانب استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي الرامية إلى مضاعفة إسهام القطاع الإبداعي في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة إلى 5% بحلول عام 2026"،
وأكدت سعادتها حرص "دبي للثقافة" على فتح الآفاق أمام المستثمرين ورواد الأعمال والمبدعين، وتمكينهم من الاستثمار في الصناعات الثقافية والإبداعية، وهو ما تجلى في نتائج تقرير "دبي الإبداعية: استكشاف آفاق الإبداع المستقبلية" الذي أطلقته الهيئة نهاية العام الماضي، بهدف تقديم قراءة تحليلية لأداء الاقتصاد الإبداعي في الإمارة، وما يتمتع به من إمكانيات وفرص استثمارية متنوعة.
يُشار إلى أن تفوّق دبي في جذب الاستثمارات الإبداعية العالمية، يعكس أهمية بيئتها الاستثمارية، وتطور إطارها التنظيمي، والتزامها بتعزيز الابتكار، ومع استمرار النمو المتسارع في هذا القطاع، تواصل الإمارة استقطاب رؤوس الأموال العالمية، وتعزيز المشهد الثقافي ما يرسخ مكانتها كمركز عالمي للاقتصاد الإبداعي.